د. هاني عمر الناظر يكتب: رسائل السيسي من بغداد
يومًا بعد يوم، يثبت الرئيس عبدالفتاح السيسي أنه زعيم ملهم ومتفرد، قادر على قيادة البلاد بثبات وسط أمواج عاتية ورياح عاصفة تضرب المنطقة.
فقد نجح في مواجهة مختلف التحديات، سواء كانت داخلية أو خارجية، بإصرار وحكمة ورؤية استراتيجية ثاقبة، مكّنته من استعادة الدور الريادي لمصر في الدفاع عن قضايا الأمة، وإعادة مكانتها اللائقة بين دول العالم.
خلال كلمته في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، في دورتها الرابعة والثلاثين، والتي استضافتها العاصمة العراقية بغداد، أكد الرئيس السيسي ما يتمتع به من حكمة وبعد نظر.
فقد جاءت كلمته بمثابة خارطة طريق لمواجهة تحديات الأمة العربية، وطرحت رؤية واضحة لاستعادة مفهوم الدولة الوطنية، وضرورة التصدي للتدخلات الأجنبية التي تهدف إلى تأجيج الصراعات، وتفتيت الدول العربية، ودفعها نحو الضياع والتدمير.
رسائل متعددة من الرئيس
وجّه الرئيس السيسي خلال القمة العديد من الرسائل المهمة، كان أبرزها إلى قادة الدول العربية، حيث شدد على ضرورة التكاتف والاصطفاف لدعم قضايا الأمة، قولًا وفعلًا، حفاظًا على أمن الأوطان، وصونًا لحقوق الشعوب ومقدراتها.
وهي رسالة واضحة لكل من انشغل بشؤونه الداخلية على حساب قضايا الأمة، وترك مصر وحدها، بقيادة الرئيس السيسي، تتحمل هذه المهمة الشاقة بثبات وعزيمة لا تلين، رغم الظروف الصعبة.
وأكد الرئيس في كلمته الموقف المصري التاريخي الثابت من القضية الفلسطينية، ورفضه القاطع لكل أشكال التهجير، حفاظًا على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وصونًا للأمن القومي المصري.
كما فضح الجرائم الممنهجة والممارسات الوحشية التي تُرتكب بحق الفلسطينيين العزل، داعيًا المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، إلى تحمّل مسؤولياته واتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء هذه الكارثة الإنسانية.
وتحدث الرئيس عن الجهود المصرية المستمرة للتهدئة، رغم العرقلة الإسرائيلية المستمرة، مؤكدًا أن السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط سيظل بعيد المنال ما لم تُقام الدولة الفلسطينية المستقلة، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية.
وقالها بوضوح: حتى وإن نجحت إسرائيل في توقيع اتفاقيات تطبيع مع كل الدول العربية، فلن يتحقق الاستقرار بدون حل عادل للقضية الفلسطينية.
رؤية شاملة لقضايا المنطقة
كما بعث الرئيس برسائل عدة تعكس ثوابت السياسة المصرية تجاه قضايا الأمة.
فقد تحدث عن الوضع في السودان، مؤكدًا ضرورة وقف إطلاق النار، وتأمين المساعدات الإنسانية، والحفاظ على وحدة الأراضي والمؤسسات السودانية، ورفض محاولات تشكيل حكومات موازية للسلطة الشرعية.
وفي الشأن الليبي، شدد على أهمية التوصل إلى مصالحة سياسية شاملة تضمن وحدة ليبيا وخروج القوات والميليشيات الأجنبية.
أما بشأن سوريا، فقد دعا إلى استثمار رفع العقوبات الأمريكية بما يخدم مصلحة الشعب السوري، والمحافظة على وحدة الدولة، والانسحاب الإسرائيلي من الجولان وكافة الأراضي السورية المحتلة.
كما طالب إسرائيل بوقف الأعمال العدائية ضد لبنان، واحترام سيادته، وتمكين الجيش اللبناني من أداء دوره الوطني، إلى جانب دعوته لحل سياسي شامل في اليمن، يعيد لهذا البلد العريق توازنه واستقراره.
وأكد رفض مصر لأي محاولات للنيل من سيادة الصومال، داعيًا الشركاء الإقليميين والدوليين إلى دعم الحكومة الصومالية في الحفاظ على أمنها واستقرارها.
كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية كانت بمثابة رؤية شاملة وواضحة لحل القضايا العربية المصيرية.
فقد قدّم "روشتة" ناجعة، تؤكد أن التمسك بمفهوم الدولة الوطنية القوية والمتماسكة هو مفتاح حل الأزمات، وأن السلام العادل والشامل هو الطريق الوحيد لاستقرار المنطقة.
و واهم من يظن أن بإمكانه بناء عملية سلام أو تطبيع على أنقاض القضية الفلسطينية.